يمكن تعريف الواقع الافتراضي بأنه استثارة سلوك هادف لدى الكائن الحي باستخدام المثيرات الحسية الاصطناعية، وقد يكون الكائن الحي على وعي محدود بالتدخل أو لا يكون على وعي به، وهو وسيلة فعالة لمحاكاة البيئة. ويصف الشعور الذي يعكسه نظام الواقع الافتراضي بُعدين: الانغماس والحضور. الانغماس هو قدرة الكمبيوتر على تقديم صورة لواقع وهمي شامل وممتد وحيوي ومحيطي. وبعبارة أخرى فإنه يتضمن القدرة على الانفصال عن الواقع (إلى حد ما، مع مجموعة متنوعة من المثيرات الحسية) وفي الوقت نفسه القدرة على مطابقة رد فعله على المثيرات من خلال حركات الجسم في أثناء ظهور معلومات مرسلة على الشاشة. ويزداد الانغماس أيضًا عندما يكون التطبيق قادرًا على توفير شعور بوجود جسم افتراضي وعادة ما يكون المسئول عن هذا الشعور التمثيل الافتراضي للمستخدم في الواقع الافتراضي.

هذا الإحساس بوجود جسم افتراضي هو الشرط الأولي لوصف شعور "الحضور". ويُوصف الحضور بأنه "حالة الوعي والإحساس (النفسي) بالوجود في البيئة الافتراضية"، وبتعبير أدق، يجعل المستخدم يشعر أنه يشترك في نفس الواقع عندما يشترك في بيئة افتراضية. وقد أكد الباحثون على أهمية هذه الجوانب حيث شددوا على أن أوجه التشابه بين العالم الحقيقي والعالم الافتراضي هي العوامل الرئيسة التي تعتمد عليها العلاجات النفسية باستخدام بيئة افتراضية تساعد على الانغماس.

يشير مصطلح الواقع الافتراضي هنا إلى كل من الواقع المعزز والواقع الافتراضي والواقع المختلط. ويكمن الفرق بين الواقع الافتراضي والواقع المعزز والواقع المختلط هو أن الواقع الافتراضي يجعل المستخدم منغمس في بيئة تشبه العالم الحقيقي يتم فيها  ربط الكائنات الافتراضية بالكائنات الواقعية ويسمح للمستخدم بالتفاعل بين كل من العناصر الافتراضية والحقيقة. بينما يستخدم مصطلح الواقع المعزز لوصف مجموعة من التقنيات التي تتيح في وقت استخدامها الدمج بين المحتوى الذي يتم إنشاؤه بواسطة الحاسوب أو الهاتف المحمول والعرض المباشر للصور. أما الواقع المختلط فهو يدمج العالم الحقيقي مع العالم الافتراضي لإنتاج بيئة جديدة تتعايش وتندمج فيها العناصر المادية والرقمية وتتفاعل معًا في نفس الوقت. والواقع المختلط يحدث ليس فقط في العالم المادي أو في العالم الافتراضي، بل هو مزيج من الواقع الحقيقي والواقع الافتراضي.

ولم يكن المتخصصين في مجال على النفس بعيدًا عن التطورات التي حدثت في هذا المجال، فقد كان استخدام الواقع الافتراضي في تعليم الأطفال من ذوى اضطراب طيف الذاتوية محور اهتمام الكثير من الباحثين، الذين يرون أن هذا النوع من التكنولوجيا يمكن أن يوفر سياقات أصلية "للعالم الحقيقي" تساعد في التدريب على المهارات الاجتماعية ومهارات الحياة واللغة واللعب الرمزي والتخيلي في بيئات افتراضية.

مزايا استخدام الواقع الافتراضي مع اضطراب طيف الذاتوية:

  • تعتبر بيئة الواقع الافتراضي بيئة آمنة وأقل إثارة للقلق، وتجنب الفرد المخاطر الحقيقية المحتملة، ويستطيع الفرد فيها أن يجمع بين التمارين التعليمية والممارسة المتكررة كي يحقق أهدافه.
  • سهوله استخدام الوسائط الرقمية.
  • إضفاء الطابع الفردي على التجربة التعليمية حيث أن كل فرد يتعلم بطرق مختلفة.
  • تُستخدم العوالم الافتراضية في سياقي التعليم وإعادة التأهيل.
  •  أوضحت العديد من الدراسات أن البيئة الافتراضية ثلاثية الأبعاد يمكن أن تثير تفاعل المستخدمين وتحفزهم وتتيح لهم فرصًا للتفاعل الاجتماعي، كما تشعرهم بالوجود المشترك والواقعية وتمدهم بشعور متزايد من السيطرة مما يتيح لهم المزيد من تجارب المشاركة المتصلة بالعالم.
  • أتاحت القدرة على إعادة التدريب وتكرار السيناريوهات الاجتماعية عبر السياقات المختلفة فرصًا لتعميم المهارات الاجتماعية التي تعلمها في بيئة الواقع الافتراضي في تفاعلات الحياة اليومية.
  • يتيح الواقع الافتراضي للمتعلم الخبرة بصورة شبه طبيعية مما يؤدى إلى اكتساب المهارات المختلفة بشكل طبيعي.
  • الواقع الافتراضي تقنية قوية تستخدم في بناء المعرفة بتحويل البيئات الحقيقية إلى معلومات تتوافق مع الحواس البشرية.
  • تحسين أداء التعلم: حيث أن هناك احتمال كبير في زيادة أداء المتعلمين لفهم المشكلات عند استكشافها بنظام ثلاثي الأبعاد.
  • تيسير الاستخدام وتعزيز التفاعل: تعزز بيئة الواقع الافتراضي من التفاعل من خلال أدواته ومعداته.
  • يزيل عقبات الوصول للتعلم وخاصة لدى الأفراد ذوي الاحتياجات الخاصة.
  • التحكم في إدخال المثيرات أو المحفزات: البيئات الافتراضية تتسم بتبسيط المثيرات والمحفزات بحيث تكون مقبولة بالنسبة للأطفال ذوي اضطراب طيف الذاتوية. على عكس الواقع الفعلي المليء بالمشتتات التي تؤدي إلى تشتيت بصري مما يعقد عملية التعلم وبالتالي فإن بيئة الواقع الافتراضي تسمح بتبسيط الواقع وتنظيمه بطريقة تسمح بسهولة جذب انتباه الطفل وتوجيه اهتمامه.
  • سهولة التعميم: الواقع الافتراضي يحل قضية التعميم التي تمثل مشكلة للأطفال ذوي اضطراب طيف الذاتوية، حيث ما كان يتم التوصل إليه في بيئة يكون من الصعب أن يعمم في بيئة أخرى مماثلة، إلا أن الواقع الافتراضي جعل التعميم سهل نظرًا لأنه يحقق الواقعية ويقضي على الرتابة ويبسط الواقع مما يساعد على التعميم.
  • التعلم يكون أكثر أمانًا: توفر بيئة الواقع الافتراضي الأمان للأطفال ذوي اضطراب طيف الذاتوية وتسمح بتطوير المهارات المرتبطة بأنشطة الحياة اليومية.
  • أنماط التفكير: الواقع الافتراضي يؤكد على الاستجابة البصرية السمعية حيث اثبتت الكثير من الدراسات أن تفكير الأفراد ذوي اضطراب طيف الذاتوية هو في المقام الأول بصري، والتقنيات كانت تؤكد بصفه عامة على مبدأ التعلم البصري وجاء الواقع الافتراضي ليؤكد على هذا المبدأ مما يجعله ملائم للأطفال ذوي اضطراب طيف الذاتوية لإعطائهم الفرصة لتعلم سلوكيات ومفاهيم جديدة، حيث أن البصر والسمع أثبتا فاعلية في تدريس المفاهيم المجردة.
  • العلاج الفردي: تختلف نقاط القوة والضعف لدى الأفراد ذوي اضطراب طيف الذاتوية بشكل كبير حيث يكون لديهم تفاوت واضح في المهارات نظرًا لعدم تجانس قدراتهم ولذلك تسمح لهم بيئات الواقع الافتراضي بتغيير أنماط الاستجابات غير المتناسقة.
  • تفضيل تفاعلات الحاسوب: تؤثر مشكلة التفاعل الاجتماعي التي يعاني منه الأطفال ذوي اضطراب طيف الذاتوية على تعليمهم، لذلك تساعد بيئة الواقع الافتراضي وما تحققه من تبسيط للبيئة على تفاعل الطفل ذوي اضطراب طيف الذاتوية مما يجعله قادر على تعلم المهارات الاجتماعية.
  • التتبع: حيث يمكن رصد حركه الجسد والأنشطة البدنية في بيئة الواقع الافتراضي.
  • المشكلات الحسية: كثير من الأطفال من ذوي اضطراب طيف الذاتوية يواجهون صعوبات متعددة في المدخلات الحسية، مما يؤدي إلى تدهور السلوك ويساعد الواقع الافتراضي في معالجة هذه المشكلة.